المخاوف السياسية تدفع مهاجرين إلى البحث عن جذورهم في القارة العجوز

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المخاوف السياسية تدفع مهاجرين إلى البحث عن جذورهم في القارة العجوز, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 02:09 صباحاً

بعد أكثر من ثلاثة عقود من العيش في جنوب ولاية كاليفورنيا الأميركية، وجدت الفنانة الكوبية، كارينا نوفو، التي تبلغ من العمر 55 عاماً، نفسها عند مفترق طرق صعب، فبعد سنوات من محاولة استعادة نشاطها الفني عقب جائحة «كورونا»، عادت الضغوط لتثقل كاهل المرشحة لجائزة «غرامي» مرتين، ليس فقط بسبب مسؤولياتها في إدارة عقار سكني في مدينة باسادينا، أو لرعايتها اليومية لوالدها الثمانيني، بل كذلك بسبب تصاعد التوترات السياسية في الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترامب إلى واجهة المشهد السياسي من جديد بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية، وتهديده بترحيل المهاجرين غير الشرعيين.

وتقول كارينا: «لم أستطع التركيز على الغناء، ولا على مجال العقارات أيضاً، ويتعين علي أن أعتني بوالدي واضطررتُ إلى وضعه في دار رعاية، لقد تأثرت صحتي سلباً».

وبحلول مايو عام 2024، وبالنظر إلى المناخ السياسي في أميركا وعودة التوتر الشديد مرة أخرى بالنظر إلى الحملة الانتخابية لترامب التي كانت في ذروتها، تفاقمت الضغوط على المهاجرين ومنهم كارينا، التي قالت: «شعرت بأن الأمر يفوق احتمالي، وقررت مغادرة الولايات المتحدة، والعودة إلى الجذور في أوروبا، صحيح أن ضغط العمل كان هو ما دفعني إلى هذا القرار، لكن الوضع السياسي جعلني لا أستوعب ما الذي يمكن أن أواجهه لاحقاً»، مشيرة إلى أن حلم الهجرة إلى أميركا تحول إلى واقع العيش في أوروبا.

العيش في إسبانيا

وعندما أخبرت كارينا والدها خوسيه بقرارها، ذكّرها بأن لديهم دائماً خيار العودة إلى أوروبا، وتحديداً إسبانيا، حيث يمكنهم التقدم بطلب للحصول على الجنسية الإسبانية من خلال «قانون الذاكرة الديمقراطية» الذي يمنح أحفاد الإسبان الذين هاجروا أو اضطُهدوا خلال الحرب الأهلية الإسبانية فرصة استعادة جنسيتهم.

وكانت كارينا نوفو، المولودة في كوبا، انتقلت إلى الولايات المتحدة في سن الـ21، لكن جذورها الإسبانية تعود إلى جدها المولود في إسبانيا، لذا قررت تقديم طلب للحصول على الجنسية الإسبانية، وأقنعها والدها بمرافقتها قائلاً: «من فضلك افعلي ذلك، فأنا لا أريد أن أموت في هذه البلاد».

وإثر ذلك باعت كارينا ممتلكاتها وبدأت ترتب لحياتها الجديدة في إسبانيا، رغم تجربة سابقة فاشلة للسفر إلى هناك بسبب إصابة والدها بفيروس «كورونا» عام 2022، موضحة: «كانت المرة الوحيدة التي حاولت فيها السفر مع والدي إلى إسبانيا في رحلة بحرية انطلقت من فورت لودرديل عام 2022، وأصيب والدي بـ(كورونا) قبل وصولنا إلى إسبانيا بوقت طويل، واضطررنا للنزول من السفينة في جزر الأزور، حيث أدخل والدي إلى المستشفى».

وقبل مغادرة كاليفورنيا، أبلغت كارينا والدها الذي نجا من سرطان المثانة، أنه يجب أن يكونا متفقين على كل شيء، فإذا أصابه المرض عند الذهاب إلى إسبانيا فعليه الذهاب إلى دار الرعاية هناك، فوافق خوسيه على ذلك.

البحث عن مسكن

وفي سبتمبر 2024، وصلت كارينا ووالدها إلى إسبانيا، وبحوزتهما ست حقائب وأداة مساعدة للمشي كان يستخدمها والدها، وسرعان ما تواصلت مع ابنها البالغ من العمر 20 عاماً، والذي لايزال يدرس في جامعة كاليفورنيا.

وعقب ذلك بدأت كارينا البحث عن مسكن لها ولوالدها، وتحدثت مع سماسرة عقاريين لاختيار أفضل موقع في إسبانيا للعيش.

وقالت كارينا: «في البداية كنت مصممة على الانتقال إلى مالقا، على طول ساحل الأندلس، لكن أسعار المساكن مرتفعة»، مشيرة إلى أن أحد السماسرة اقترح عليها أن تفكر في بلدة فوينخيرولا القريبة على الساحل الأندلسي، والتي تتميز بتضاريس مسطحة يسهل على والدها التنقل فيها، إضافة إلى انخفاض كلفة المعيشة فيها.

وأضافت: «وجدنا شقة مساحتها نحو 111 متراً مربعاً في المدينة، وقريبة من الشاطئ، حيث كان حلم والدي أن يعيش بالقرب من مياه البحر الأبيض المتوسط، وكان إيجار الشقة الشهري يبلغ 1050 يورو، وهو جزء بسيط مما كنا ندفعه في كاليفورنيا من أجل المسكن».

لم شمل العائلة

وبعد أسابيع من وصول كارينا ووالدها خوسيه إلى إسبانيا، التحقت بهما والدتها غلوريا (73 عاماً) وزوج والدتها سيزر (87 عاماً) في زيارة قصيرة، وتماماً مثل كارينا ووالدها، قرر الزوجان بعد عودتهما إلى الولايات المتحدة بيع ممتلكاتهما والانتقال إلى إسبانيا أيضاً، واستقرا مع كارينا وخوسيه، وبدآ إجراءات التقديم على الجنسية الإسبانية.

وقال سيزر: «الوضع السياسي في أميركا إلى جانب تكاليف المعيشة المرتفعة دفعنا للرحيل، الحياة هنا في إسبانيا أقرب إلى ثقافتنا الكوبية، وبتكاليف أقل».

سيزر الذي أرسلته عائلته إلى إسبانيا للمرة الأولى وهو في الـ14 من عمره هرباً من الخدمة العسكرية في كوبا، عاش فترة مع أقارب هناك قبل أن يهاجر لاحقاً إلى الولايات المتحدة، حيث التقى بغلوريا في ميامي، وعاشا لسنوات في مجمع سكني للبالغين ذوي الدخل الثابت في مونروفيا بالقرب من باسادينا.

وكان سيزار وغلوريا باعتبارهما من الكوبيين الذين يعيشون في الشتات هناك قد زارا إسبانيا بقصد السياحة مرات عدة، وبالنظر إلى أن الإسبانية هي لغتهما الأم، كان انتقالهما إلى إسبانيا والعيش فيها سهلاً.

وأكد سيزار أن حياتهما أصبحت أفضل في إسبانيا لأنهما يستطيعان القيام بأشياء كثيرة في إسبانيا بتكاليف أقل مما تحتاجه الحياة في الولايات المتحدة. عن «سي إن إن»


مئات القصص

تمثل رحلة الكوبية، كارينا نوفو، وعائلتها، قصة من مئات القصص لعائلات مهاجرة تبحث عن الاستقرار والطمأنينة، وبعد أن حلموا يوماً بالحياة في الولايات المتحدة، وجدت هذه العائلة الكوبية أن أوروبا، وتحديداً إسبانيا، قد تكون في النهاية المكان الأنسب للعيش بهدوء وكرامة.


قرار صعب

كارينا نوفو ووالدتها غلوريا وزوجها سيزر بعد لم شمل العائلة في إسبانيا. من المصدر

بحلول يناير 2025 كان والد كارينا نوفو يعاني مشكلات صحية.

وبات من الصعب للغاية بالنسبة لها رعايته في المنزل، لذلك اتخذا معاً قرار إرساله إلى دار للرعاية، قريبة من ماربيللا، على بعد 20 ميلاً من البلدة التي تعيش فيها كارينا، التي قالت إنها شعرت بتأنيب الضمير، وتساءلت إن كان إحضار والدها إلى إسبانيا خطأً.

وأضافت: «لكنه يقول لي دائماً إنه يحب المكان، وإنه يمضي ساعات طويلة وهو يراقب البحر، ويتناول مأكولاته المفضلة، ويتحدث الإسبانية مع الجميع».

وأوضحت أن نفقات دار الرعاية تبلغ نحو 2300 يورو شهرياً، أي أقل بكثير من دار الرعاية في كاليفورنيا، وتتضمن العلاج الطبيعي، وإمكانية زيارة طبيب نفسي، وجميع نفقات المعيشة والوجبات، إضافة إلى الأنشطة اليومية.

وأشارت كارينا إلى أنها تتحدث مع والدها هاتفياً بصورة يومية، كما أنها تزوره مرتين أسبوعياً في غرفته الخاصة المطلة على حديقة، ما يجعل دار الرعاية أشبه بقصر أكثر منها دار رعاية، على حد وصفها.

وأكدت أن السبب الرئيس لانتقالها من كاليفورنيا إلى إسبانيا هو السعي لتحسين جودة حياتها والحفاظ على صحتها العقلية والعاطفية والجسدية، مشيرة إلى أنها تشعر بتحقيق هدفها مع عائلتها نوعاً ما.

وانتقلت كارينا أخيراً مع والدتها غلوريا وزوجها سيزر إلى شقة أكبر من التي كانوا يعيشون بها في بلدة فوينخيرولا، وتطل على البحر من شرفة واسعة في قلب المدينة، بإيجار شهري يبلغ 1400 يورو.

ولفتت كارينا إلى أن نفقات معيشتها في إسبانيا تعادل نصف نفقاتها في لوس أنجلوس تقريباً.

وقالت إنه عندما تحصل على تصريح للعمل كمواطنة إسبانية فإنها تخطط للعودة إلى ما تحبه من عمل، وهو الغناء في جميع أنحاء أوروبا ومساعدة من يفكرون في الانتقال إلى إسبانيا للبحث عن سكن.

وأكدت أنها تحب كاليفورنيا، لكن حان الوقت لتغادرها، وهي ليست نادمة على ذلك لأنها وجدت حياتها في إسبانيا مريحة للغاية أيضاً.


جودة الحياة

سيزر وغلوريا أكدا انسجامهما مع الحياة الجديدة في إسبانيا. عن المصدر

اعترف سيزر بأنه استغرق بعض الوقت للتأقلم مع البيروقراطية الإسبانية، وبطء سير الأمور مقارنة بالولايات المتحدة، لكنه أشار إلى جودة الحياة في إسبانيا.

وقارن سيزر مغادرته الأخيرة من الولايات المتحدة ووصوله إلى إسبانيا بمشاعر مماثلة لتلك التي انتابته عندما غادر كوبا للمرة الأولى منذ زمن، حيث ترك كل شيء خلفه في المرتين.

وقال: «أدركت عندما غادرت كوبا أني لن أعود إليها مرة ثانية، ولدي الشعور ذاته الآن».

من جهتها، قالت زوجته غلوريا إن «الناس، وأسلوب وطرق المعيشة تتحدث حقاً عن نفسها في إسبانيا»، مشيرة إلى أنها غادرت غلوريا كوبا وهي شابة، عندما جرى توظيفها كمضيفة طيران لدى شركة «بان إم» في ميامي.

وعاشت هي وسيزار في فلوريدا بعد طلاقها من خوسيه لسنوات عديدة قبل أن ينتقلا إلى كاليفورنيا.

وأضافت: «كانت الحياة الأميركية صعبة للغاية، خصوصاً خلال السنوات التي تلت جائحة (كورونا)، لكن جودة الحياة هنا تجعل الحياة مريحة للغاية، حيث الطعام والناس والطقس في هذا الجزء من إسبانيا، أعشقه حقاً»، وتابعت غلوريا: «كانت حياتنا في الولايات المتحدة جيدة، حيث قضيت نصف حياتي، لكنني اشتقت لأفراد عائلتي في كوبا، ومع الأسف تسير الأمور على غير ما نتمناه، وتستمر الحياة، لذلك يتعين عليّ المحاولة للاستمتاع لما تبقى لدي من العمر بأفضل شكل أستطيعه، إذ أصبح عمري الآن 73 عاماً».

. بعض المهاجرين الكوبيين لديهم خيار العودة إلى أوروبا، وتحديداً إسبانيا، والحصول على الجنسية من خلال «قانون الذاكرة الديمقراطية».

. كارينا نوفو المولودة في كوبا انتقلت إلى الولايات المتحدة في سن الـ21، لكن جذورها الإسبانية تمنحها حق تقديم طلب الحصول على الجنسية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق