تسريبات لعبد الناصر تعيد الجدل حول موقفه من إسرائيل

0 تعليق ارسل طباعة

أثارت تسريبات صوتية نسبت للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر جدلا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية، بعد أن تضمنت إشارات إلى مرونة في مواقفه تجاه إسرائيل، بخلاف ما عُرف عنه من رفض قاطع للحلول السلمية.

التسريبات التي تم الكشف عنها مؤخرا، أظهرت حوارا خاصا بين جمال عبد الناصر والزعيم الليبي معمر القذافي، تحدث فيه عن إمكانية الاعتراف بإسرائيل، ما فتح الباب أمام تساؤلات جديدة حول حقيقة موقفه بعد نكسة 1967.

تباين في التفسير: تكتيك عسكري أم تحول سياسي؟

في مداخلة عبر "سكاي نيوز عربية"، أكد الدكتور عمرو هاشم ربيع، مستشار مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، ضمن برنامج "استديو وان مع فضيلة" أن ما ورد في التسريبات لا يُعد دليلاً على تغير جذري في قناعات عبد الناصر.

وقال إن "قبول عبد الناصر بمبادرة روجرز لم يكن خطوة نحو التطبيع، بل كان تمويهاً استراتيجياً هدفه منح مصر الوقت لبناء حائط الصواريخ استعدادًا لمعارك قادمة".

وأضاف ربيع أن "الحديث اجتزئ من سياقه"، مشيرًا إلى أن التسجيل لم يتضمن النص الكامل للاجتماع، ولا الظروف المحيطة به، واصفًا توقيت إذاعة التسجيلات بأنه "مريب"، متسائلًا عن الأهداف من ورائه.

رؤية أردنية: عبد الناصر الواقعي ما بعد 1967

من جهته، اعتبر الدبلوماسي الأردني السابق زياد المجالي أن المضمون الذي ورد في التسريبات لا يُعد مفاجئًا، مشيرًا إلى أن عبد الناصر، بعد هزيمة 1967، كان أكثر انفتاحًا على الخيارات الواقعية.

واستشهد المجالي بما دار بين عبد الناصر والعاهل الأردني الراحل الملك الحسين خلال قمة الخرطوم، مؤكدًا أن عبد الناصر كان يدعم أي تحرك لاستعادة الضفة الغربية، حتى وإن تطلّب الأمر تحالفات استثنائية.

وأوضح المجالي أن "الرسالة التي حرص عبد الناصر على إيصالها كانت موجهة للرأي العام العربي المتألم من النكسة"، معتبرًا أن "إظهار بعض المرونة في الكواليس لا يتعارض مع الخطاب العلني الصارم".

من مبادرة روجرز إلى كامب ديفيد: المسار والذاكرة

وسلطت النقاشات الضوء على مبادرة روجرز، التي وافقت عليها مصر عام 1970 لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، والتي وُصفت حينها بأنها مجرد هدنة تكتيكية.

وأكد الدكتور ربيع أن عبد الناصر استخدم المبادرة لشراء الوقت العسكري، بينما رأى المجالي أنها شكلت بداية تحول في الفكر السياسي العربي نحو الواقعية والدبلوماسية.

وتساءل ربيع: "لو كان عبد الناصر قد غيّر موقفه فعلاً، فلماذا لم يستخدم الرئيس أنور السادات هذه التسجيلات لتبرير معاهدة كامب ديفيد لاحقًا؟"، معتبرًا أن عدم الاستشهاد بها في حينه دليل على أنها لم تكن دليلاً سياسياً حقيقياً.

الجدل بين التطبيع والتاريخ

وفي ختام الحوار، أشار الضيفان إلى أن فتح هذا الملف اليوم يعكس صراعًا أوسع حول سردية التطبيع في المنطقة. فبينما يعتبر البعض أن العودة إلى أرشيف عبد الناصر تأتي لتبرير خطوات سياسية حالية، يرى آخرون أن التاريخ يجب أن يُقرأ في سياقه، وأن استدعاء مواقف الماضي لا ينبغي أن يُستخدم كمظلة لتوجهات الحاضر.

ويرى المجالي أن السلام اليوم خيار دول، ولا يحتاج إلى تبرير بأحاديث من الماضي، مشددًا على أن "السلام العادل لا يمكن أن يتحقق دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم الكاملة، وهو ما يشكل جوهر أي اتفاق مستقبلي".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق