
جبال ثلاثاء.. مسيرة اليوم الواحد إلى المشاعر المقدسة
تعد جبال ثلاثاء ذي (الثلاثة رؤوس) جنوب محافظة الطائف، من أهم معالم وممرات قوافل الحجيج القادمة من جنوب المملكة بمجتمعاتها لأداء فريضة الحج إلى البقاع المقدسة.
وتقف ركاب بعض القوافل القادمة من جنوب الجزيرة العربية، في محضن وحمى جبال ثلاثاء، التي تتميز بموقعها الجغرافي الرابط لمعظم طرق قوافل الجنوب والغرب لتجد فيه مسلكًا آمنًا منذ مئات السنين وممرًا مهمًا للدخول إلى الطائف، ثم إلى رحلة الحج بمكة المكرمة من خلال ميقاتي قرن المنازل ووادي محرم، وذلك في تأكيد على مسيرة اليوم الواحد إلى المشاعر المقدسة.
وتقع جبال ثلاثاء البارزة شكلًا وتاريخيًا في جنوب محافظة الطائف، بمسافة تبلغ (88) كيلو مترًا، وتظهر في ثباتها وقممها الثلاث، علامةً ورمزًا ومعلمًا يحكي من خلاله أصحاب التجارة والحجاج وغيرهم، قصصًا واجهت سالكيه لتتناقل المجتمعات رواياتهم عن رحلاتهم للحج ذهابًا وإيابًا وجعل منها قصصًا بارزة، تُحكى للأجيال الحالية وأجيال المستقبل.
وأكد لوكالة الأنباء السعودية مطلق بن خلف الذي يسكن مسار طريق القوافل قديمًا لقرى محافظة ميسان، أنه عاصر تلك الحقبة التي عانت وعاونت قوافل الحجيج في مسلكها وحلها، وفي ليلها ونهارها، متحدثًا عن ما سمعه من الآباء والأجداد عن طرق القوافل ومعابرها ومنها طريق جبال ثلاثاء وطريق سراة بني سعد، الذي يعد ضمن الطرق القديمة التي عبدتها أخفاف الإبل.
عدة طرق
وأوضح أن هناك العديد من الطرق الأولى للحجاج تاريخًا لمناطق جنوب الطائف، منها أودية نانا والسدين ورخمات والوقبات الواقعة جنوب الطائف في محافظة ميسان، والطريق الثاني مع أودية وشعاب غزايل وقيا وشقصان، وأما الطريق الثالث فيسلك جزءًا من وادي كلاء وأطراف من وادي المجمعة أحد أكبر أودية المناصير لقرى الثبته، ويلتقي الثاني والثالث في موقع “مضلله” بينما تلتقي جميعها في وادي ليه ومن ثم الطائف، لتجتمع هذه القوافل في غيران وكهوف أم السباع بالطائف أو بما تعرف قديمًا بالغيران، ثم تنتقل هذه القوافل المؤمنة بزادها وزهاء أبنائها حسب رغبة قائد القافلة، فمنهم من يسلك طريق كرا بالهدا ومنهم من يسلك طريق آخر بقرية السنح وجبل عفار الأقدم نزولًا إلى وادي نعمان والدخول إلى المشاعر المقدسة، ومنهم من يسلك طريق السيل الصغير والكبير ومن ثم إلى الشرائع والمغمس ومشعر عرفات وإلى مشعر منى.
وأوضح مطلق خلف أن الحجاج السالكين لهذه الطرق يجدون من أهل القرى العابرين بها أو المجاورين لها، اهتمامات مختلفة في حسن الكرم والضيافة والاستقبال، وفي ما يقدمونه من تعاون للحاج على قضاء أمور سفره من عبوره جبال سراة الطائف ونزولًا إلى تهامة وصولًا إلى مكة المكرمة، مشيرًا إلى أنه شاهد وهو في كنف والده ما يقدمه الأجداد قديمًا للحجيج من موائد تفيض بالمأكل والمشرب، وما يجاور هذه الموائد من ملبس وزينة تحظى بها سيدات وفتيات القوافل وأطفالهم.